ربما لم يشهدالتأريخ اليمني المعاصر من أحداث و تطورات متجددة و تداعيات مستمره منذ عام 2011 وبداية العام 2012 , اقل ما يقال عنها عام الثورات والانجازات والتغييرات العظام , ونقله نوعيه جذريه جديده في عمق السياسة اليمنية والاجتماعية والاقتصادية , رسمت تحولات مصيرية وتأريخيه في مسيرة اليمن الحديث , وكانت الاخبار العاجله والمتواليه تعنون بحديث الساعه وارفاق عبارة ....تحديث مستمر !!!, اعلانا بديمومة فصول الخبر العاجل وسبك درامياته واحداثه وفصوله التي لم تنته بعد , ونحن مع الحدث في انتظار وانتظار قد يطول , فصول جديده تنتظر القارئ ومرحله جديده من تطورات وتداعيات الموقف تثير فضوله واستطلاعه , وربط الاخبار العاجله والمعنونه من هنا وهناك تقودنا الى وضع صورة كلية واجماليه على الوضع القائم وتحليله وسبك النتائج المتوخاه منه وإظهار الحقيقة كاملة بكل رتوشها وملامحها الاخباريه ومضمونها الخبري الاكيد .
اليمن حاليا تحت بند... )تحديث مستمر( , وعلى مدار الساعه ومنذ إنظلاق الثوره الشبابيه والشعبية في بداباتها الاولى من شهريناير 2011 , ونحن جميعا مع الخبر ومتابعة آخر مستجداته وتفاصيله المثيرة , واشتعلت الصحف والمواقع الاخباريه الالكترونية والمطبوعه , في ثورة صحفيه الكترونيه غير مسبوقة في تأريخ اليمن , ولم يشهد لها اليمن مثيل من قبل , فكانت الثوره الشبابيه ملهمة الثورات عامه في كافة المرافق العامه والخاصه , وكانت ثورة أفكار ورؤى وتطلعات قبل ان تكون ثورة ساحات ومسيرات شبابية مطالبة بالتغيير , حتى وان لم تنجز الثورة بمفهومها السلمي حتى هذه اللحظه كامل اهدافها , ولكن لا احد ينفي وجودها وتأثيرها الممتد على خارطة السياسة اليمنية من تغيير انظمة وسياسات وواقع جديد , وتحديثها المستمر لعجلة التغيير الوطنية.
فيكفيها انها وبغض النظرعن المسميات الفسيفسائية والفلسفات الثوريه كانت ثورة فكريه الهامية رائدة , ثورة إلهام وفكر وإبداع في شتى المجالات الحياتية العامة , أدبيات الثوره اليمنية الرائده , خلقت جيلا جديدا من الابداع والفن ,وايقظت المارد اليمني من غفوته وسباته العميق ليفتح عينيه على وطن جديد و واقع متجدد ملئ بالاحداث والتداعيات , فتفاعل العنصر البشري مرغما او بصورة اختيارية مع الحدث , ودار في فلكه بكل تناقضاته السياسيه سلبا وايجابا , مع قوة الجذب المركزي للحدث الاخباري , متناغما مع ما سيغير في مصير وواقع الانسان وحياتة اليومية , فكان المواطن سواء بصمته ام بمشاركته داخل اطار التغييرات المصاحبه للحدث المتجدد المستمر , بكل ايقاعاته وتأثيراته وتناقضاته , يلعب دورا فعالا ومؤثرا في رسم الواقع اليمني ككل , وكانت الصحافه الالكترونية لها الدور البارز والمؤثر في نقل الخبر العاجل والصوره المعبرة بسرعه خرافيه وفضول مسيطر , وتترك الباب مفتوحا لذوي الفضول والشبق السياسي ب تحديث مستمر , وإضافة اولى وثانية وثالثة ... وعقارب الزمن لا تتوقف في التحديث والنشر , لتبقى اليمن على هذا الحال منذ بداية العام المنصرم ومع بداية العام الحالي في تحديث مستمر ممنهج بنهايات مفتوحه , غالبا ما رافقها التعجب والاستفهام , وهذا ما بدأت تتضح ملامحه في المستقبل القريب , وقرآءة الواقع وسبر اغوار المرحلة القادمه , وماذا بعد ؟؟
هل ستنجح الصفقه الفاوستية (Faustian bargain) المبرمة بين احزاب اللقاء المشترك- التي وهبت نفسها للنظام - والنظام معا في صنع مستقبل يمن خال من الفساد المالي والإداري , وتساهم في تحقيق اهداف التغيير والتطور والإعمار التنموي والبنية التحتية , وانقاذ الوطن من التخبط في دوامة الانهيار والجدل والظروف المعيشيه القاسيه , المواطن في أمس الحاجه الى أولويات الحياه الكريمه والغذآء الآمن والتأمين الصحي و بحاجه طارئه وملحه للتنمية وبناء المشاريع الخدمية والإنمائية , ولن يتحقق هذا في ظل الفساد المتجذر القائم المدعوم داخليا وخارجيا بحماية مبادرة وبحصانة كاملة وغطآء دولي ,اللقاء المشترك وقف عاجزا كليا عن تحقيق بنود الصفقه السياسيه وإدارة المرحله القادمة , وحكومته فعلا اثبتت فشلها الذريع المستفيض في تحقيق العداله المطلوبه واساسيات الحياه الكريمه واعادة التوازن السياسي والإقتصادي لليمن كليا .
إن شخصية روبنسون كروز الشهيرة لروائية (Daniel Defoe) لذلك الشاب الهاوي الذي وجد نفسه فجأة مسيطرا على مقاليد الحكم والسياسه رغم خبراته الضئيله وخلفياته السياسيه الهشة , ومدافعا عن الاحزاب وتقلباتها متغيرا حسب النهج واللون السياسي والمصلحه الخاصه , غير قادرا على التحكم بملذاته وشهواته السياسيه في السيطره وانقاذ نفسه ومن حوله من تبعات الجهل السياسي بمنطق وحكمة , يفرض نفسه جليا في تحركات الساسه اليمنيين قليلي الخبرات والمؤهلات الدراسية السياسية الأساسية , وفن القيادة السياسيه الحكيمة , وصنع القرار واستقلاليته المطلقة , والتعامل بمرونه مع مجريات الاحداث و سرعة الحسم , والقرارات الصارمه الصائبة التي تخدم الوطن , وتمثل ذلك جليا في دموع على سفوح الانهيار, الكل هنا يبكي ؟؟ البكاء لا يصنع وطنا عزيزا كريما , الايادى المرتعشة لا تقوى على البناء والخائفون لا يصنعون التاريخ , اليمن اليوم أشد ما يكون بحاجه ماسة لوقفات جادة عملية وصادقة وقوية وخبرات وكوادر شبابية مؤهلة فتيه متمكنة تنتزع اليمن من وحل الانهيار والانهزام والبكآء , وتخرجه من جحيم الواقع , وتقدمه للعالم يمنا مشرقا حضاريا متقدما شامخا سعيدا , بعيدا عن التدخلات الخارجية المستمره في صنع القرار , وتلبية الرغبات الاجنبية بصنع الصورة المحلية وملامح المستقبل اليمني , وهذا ما بدا جليا في الدور الامريكي والاوروبي للصمت على تجاوزات النظام , وإضفآء غطاء شرعي ودولي لانتهاكاته وشرعيته واستمرارة , و تدخل دول مجلس التعاون الخليجي بصوره ملفته عبر المبادره الخليجية وما قدمتة من حصانه كاملة للنظام القائم , وعبر سفرائها للتدخل في نسيج السياسة اليمنيه وكل شاردة وواردة في اليمن , وصنع القرارات المستوردة , ونص الاتفاقيات بما يتناسب مع المصالح الخاصة لتلك الدول .
اليمن مازال رهين المحبسين النظام والخارج , ورهين التقلبات والتدخلات السياسيه المستمره , غير قادرا على إدارة شؤون نفسه بنفسه بجاهزية عالية , إن الارتهان للخارج لهو بمثابة القشه التي قصمت ظهر السياسه اليمنية , وبذا تفتقد استقلالية القرار والهيمنه الداخليه على البنود وصنع الشروط الملائمه للسياسات الداخلية والخارجية والاقتصادية , وهذا ما يحكمه النهج السياسي اليمني الممغنط بجاذبيه شديدة للخارج دون تردد او تدبر في العواقب والنتائج المستقبلية الناتجه عن اية اتفاقيات او سياسات مصيرية , النظام بكاملة يشكو من عقد نقص مستمرئة ومتجذره في النفسيه السياسيه اليمنيه , وهذا ما فسرها الفرد ادلر عن عقدة النقص Inferiority complex) (وآلية التعويض (Compensation) في مختلف الجوانب السياسيه والعسكريه والامنيه والإدارية , فالنظام المتهاوي فعليا لجأ الى الافراط في القوه لكبح جماح المظاهرات الشعبيه , وتعويض النقص الدوني في الفشل السياسي يتغطيته بعمليات عسكرية وامنية مدروسة بعناية , والنظام بشقيه المؤيد والمعارض اثبت عدم القدرة والكفآءة الذاتية في انقاذ الوطن وإيجاد الحلول الآمنة , فارتهن للخارج طوعا , وسلم زمام المبادرة للتدخلات العربية الاجنبية تعويضا للفشل الذريع في السياسات الداخليه , و هروبا للامام .
إن الافراط والتفريط في نهج السياسه الداخليه الوطنية المتبعه حاليا , تقود الوطن الى تحديث مستمر من الانهيار والفشل , والارتهان للآخر بما يفقد الارادة السياسيه الاستقلالية المطلقة وحرية القرار والاختيار وتحديد المصير, وما يمس بصوره مباشرة في عمق السيادة الوطنية , اما على الجانب الشعبي الجماهيري فالوضع كما هو عليه لم يتغير او يتبدل , فقد رحل رأس النظام ورمى الوطن الى حيث القت رحلها ام قشعم , تاركا ورآءة تركه ثقيله من الازمات والصراعات والوضع المتدهور , وخلف نظام الفساد بكل رموزه وجهابذته واباطرته في مناصبهم ومواقعهم القيادية السسياسيه والعسكريه , وخلف ورآءة كما هائلا من الفتن والحروب لوطن شبه ممزق ومنهار , ومازال التحديث مستمرا ..في مسلسل الانهيار وعدم التوازن والثبات للمرحله الحاليه و الانتقالية معا , فمازالت الساحات والمدن اليمنية ملتهبة بالمسيرات الرافضه للحصانه مطالبة بالمحاكمه وتحقيق المواطنة المتساوية والعدالة والحرية , ومازالت مرافق الدوله ومؤسساتها تعاني من الشلل الاداري التام , ومازالت الثورة المؤسسيه مستمرة تقتلع رؤوس الفساد وتزفها خارج المنظومة الادارية , ومازالت الاوضاع الامنيه في اغلب المدن والمديريات خارج السيطره المركزية وفي تحديث مستمر , ومازال رئيس النظام الفاقد صلاحياته خارج الوطن ومصيرة السياسي مجهول , والانتخابات الرئاسيه المزمع اقامتها مازال اللغط والجدل حول موعدها وشروطها , والاجواء الملائمه لاجرائها قيد التكهنات , والقيادات العسكريه والامنية مازال مصيرها غامضا في ظل ضعف لجنة الشؤون العسكرية المخوله لحسم الأمر , وبنظره كلية واجمالية متأملة نجد ان الوطن اليمني ككل يحيا في تحديث مستمر ,, فهل من نهايه سعيدة تحقق اليمن السعيد يوما ما ؟؟