من وجهة نظر الكثيرين فإن الطريق الأقصر لطلب الشهرة هو التسلق على أكتاف المشاهير وهذا ما يجيده العلمانيون الجدد ,فمن خلال مقالة يكتبها أحدهم يتطاول فيها على شخص ناجح يكون قد استفز بها الكثيرين فيلاقي بعض الردود على مقالته وحينها يظن أن ما يكتبه أصبح ذو أهمية ,وإذا لم يلقى ردود فعل فإنه يضطر إلى التطاول على ما هو أهم ,حتى وصل الحال ببعضهم إلى الافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الطعن في الصحاح أو التطاول على الذات الإلهية وكل ذلك بحثاً عن الشهرة .
وعلى الرغم من خيبة الأمل التي لحقت بالعلمانيين بعد ثورات الربيع العربي على الأقل في كل من تونس ومصر إلا أن العلمانيين ما زالوا يتبعون نفس أسلوبهم القديم والذي يصنعون فيه عقيدة أتباعهم بمناصبة العداء للإسلاميين وذلك لأنهم لا تجمعهم عقيدة أصلاً ,
وحسب ما يروي لنا التاريخ فإنه لم يصل علمانيو العرب يوماً ما إلى الحكم عن طريق انتخابات حرة أو أي شكل من أشكال الاختيار الديمقراطي إنما فقط عبر انقلابات عسكرية ,وعلى مدى القرن تقريباُ حكم فيه العلمانيون العرب معظم أقطار العالم العربي إلا أن تجربتهم كانت فاشلة بامتياز ,فما إن وجدت الشعوب العربية متنفس الاختيار إلا ونبذتهم بكل قوة .
استطاع العلمانيون العرب على مدى الفترة الماضية السيطرة على ما يقارب 90% من وسائل الإعلام ومع ذلك فإنهم لم يستطيعوا إقناع الشعوب المسلمة بمنطقهم المنحرف ,فمنذ أن بدأ الترويج لها في عالمنا العربي (أي العلمانية ) , اللبناني "إلياس بقطور" في القرن التاسع عشر الميلادي إلا ان الشعوب العربية لم تستسيغها إلى اليوم لمعرفتها أن العلمانية تعني اللادينية وليست مشتقة من العلم.
لم يعي العلمانيون العرب أن الغرب ما أتجه إلى العلمانية إلا لأن دياناتهم لا شأن لها في تنظيم أمور الحياة وإذا ما جازفت في ذلك فإنها حتماً ستفشل لأنها أصلاً ديانات محرفة .
وبالرجوع إلى العبارات التي أطلقها الشاعر النصراني "دع ما لله لله ,, وما لقيصر لقيصر" أو مرادفتها التي صدّع رؤوسنا بها العلمانيون العرب "الدين لله والسياسة للجميع" ندرك أنها عندما تقال في الغرب فلا يجد قائلها أي حرج من ناحية عقيدته , أما نحن فليتهم (العلمانيون العرب) يتذكرون أنهم يخالفون قول الله تعالى "قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" الأنعام 162 .
عندما أحاور علمانياً على مواقع التواصل الاجتماعي سواء كان يساري راديكالي أو ليبرالي حداثي فثمة سمات مشتركة عند الكثيرين , فهم يدافعون عن العلمانية على حسب مفهومهم الخاص لها أو على قدر فهمهم منها وهي (خلع الحجاب وتحبيذ الاختلاط ومهاجمة تاريخ الأمة ودينها بدعوى الحداثة) وعلى هذا فإن العلمانية التي يحملها العلمانيون العرب مشتقة من الدعارة.
نستنتج أخيراً أن العلمانيين العرب لم يأخذوا العلمانية كما أوروبا فتعيش شعوبهم في النعيم ولا هم حافظوا على الدين فيكسبون الآخرة ,وإنما فقط كما وصفهم أحد المفكرين الفرنسيين بقوله "لقد استطعنا أن نصنع ببغاوات في كل بلاد العرب ,نطلق العبارة من هنا فيعود إلينا صداها من جهتهم وقد تكررت عدة مرات وإذا سكتنا سكتوا ,قال: حينها تأكدنا أننا قد نجحنا في صناعة عقول جوفاء لا تخرج أكثر مما ندخله إليها ".
فشكراً لكم أيها العلمانيون الجدد على تصويركم للعلمانية على أقبح صورة , ولن تخدعونا مجدداً فلم تعودوا تحملوا فصاحة سعد زغلول ولا تنظير ميشيل عفلق ولا جاذبية عبد الناصر .