محمد حسين النظاري
هذا المعلم لا يستحق التكريم
ليس بيني وبينه أي سابق معرفة، ولا تواجد عداوة لا ظاهرة او مخفية، ولكني اراه لا يستحق التكريم، و لا ينبغي ان يكون اسمه موضوع بين قوائم المبرِزين، والذين يشار اليهم بالبنان، انا ضد ان يتم تكريمه، لا لشيئ إلا لكون التكريم، محصلة جهد ومثابرة، وهو بعيد عنهما.
كيف يكرم معلم ظل طيلة العام والنصف مرابطا في الشارع؟، ولا يعرف لباب المدرسة طريقاً!، وكيف يكرم وهو يجبر الطلاب بالترغيب والترهيب على ترك مقاعد الدراسة، ليجلسوا الى جواره عند قارعة الطريق.
المعلم الذي انسلخ من مهنته، ولم يعد يربطه بها إلا الراتب، رغم ان هذا الراتب لا يحل له، وكيف يكون حلالاً، وهو لم يُدرّس حصة واحدة، ولم يغرس قيم العلم الحقيقية، ولم يربي النشئ الذي هو مؤتمن عليهم، فقد كشفت لنا الازمة التي مرت بها بلادنا عن معادن المعلمين الصادقين، وأولئك الذين يلهثون خلف مآرب سياسية.
لست ضد ان يعطى راتبه كاملاً بالرغم انه لا يستحقه، فالراتب اجرة لمنزله، وغذاء وكساء لأولاده.. ولكني ضد ان يتم استغفال المجتمع وتكريمه، على الوجه الذي لا يستحقه، والمخزي ان المرابطين في المدارس اثناء الأزمة، لم يعرهم احد أي اهتمام ولم يجدوا من يقل لهم حتى كلمة شكراً.
لقد ذبح المعلم المجتهد والمخلص مرتين، الاولى عندما كان يداوم ويستقطع من راتبه لغياب يوم او يومين، فيما الغائبون لعدة اشهر يصلهم الراتب قبل غيرهم، والمرة الثانية التي يذبح بها المعلم، حين يتجاهله المُكَرِمون، ويتجاوزونه، في حين يحظى المتسيب والمتخاذل بالاشادة والدعم.
ان التلاميذ هم من سَيقوّمون المعلم الجيد من السيئ، وحتماً فإن الجهات التي ستسعى لتكريم السيئين، ستسقط بلا ريب حتى من نظرة التلاميذ الذين ما زالوا في الصفوف الأولى، كيف لا وهم يرون القابع في الشارع اول من ينال التكريم، وهذه المصيبة لأنها قد تخلق ازدواجاً في مفاهيم الحق والباطل، والثواب والعقاب لدى الصغار.
...... المعلمي حسن
حسن المعلمي او الدكتور او الشيخ او الاديب او المؤلف سمه ما شئت من التسميات، ولكنه سيظل المعلم الانسان المحب لمهنته، الدكتور حسن المعلمي ابن وزارة التربية والتعليم، قضى سنوات طويلة في التعليم، ورغم ذلك لم يتوانى على ان يواصل تعليمه حتى نال الدكتوراه من الجزائر في العام الماضي.
عندما كان في الجزائر كان سفارة بأكملها يتنقل في الشوارع، ويخدم القاصي والداني، ويسهل لهم أمورهم حتى قبيل مجيئهم، لا توجد وزارة من الوزارات ولها طلاب بالجزائر إلا وقد سهّل لهم معاملاتهم دون معرفتهم، ليقينه ان الله في عون العبد ما كان العبد عون اخيه.
عند اعلان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن طلب التقدم لشغل منصب ملحق ثقافي بالجزائر، لم يرد الى ذهني احد مثل الدكتور المعلمي، فشروط الابداع في العمل كملحق ثقافي تتوفر فيه، ولا اكتب له تملقاً او تزلفاً، فربما لا يستلم الملحق الجديد عمله، إلا وقد اكملت مناقشة اطروحة الدكتوراه بإذن الله، ولكني اجدها كلمة حق يجب ان تقال في الحسن الذي هو حسن بحسب ظننا الطيب فيه.
للأستاذ رشاد شايع –الملحق الثقافي الحالي- يشهد الله وان تعلم اني استغلك يوماً، ولم استفد من وراءك بشيء ولله الحمد، ولكني ارى انك قدمت عملاً خلال السنوات الأربع، وان لم يرضي البعض إلا انه في مجمله كان طيباً بحسب وجهة نظري، ولكني مع التغيير، الذي لا يعني ان السابق اسوء واللاحق أفضل، ولكنها سنة الله في خلقه، ومن ينعتك بالسوء الكامل لم ينصفك، ومن نزهك عن الخطأ فقد خدعك لمصلحة في نفسه.