جريمة في قصة: قتلها بعد 8 ايام من الزواج بها .. صمتها .. حفر قبرها
في المنطقة التي نشأت فيها كانت تمارس فتاتنا الصامتة حياتها بشكل طبيعي كمثيلاتها في العمر.
كانت متوسطة الطول جيدة البنية الجسدية بيضاء البشرة لم تتعد العشرين عاما، كانت تحلم بتحقيق الكثير وعلى الرغم من صمتها وهدوء طبعها إلا أنها ذات شخصية تجذب كل من وقعm عيناه عليها.
لم تتعد سنتها الأولى في الكية التي تدرس بها بل وفي الأشهر الأولى، حتى أحست هند (الفتاة الصامتة) بألم في عينيها فذهبت مع أحد أقاربها إلى طبيب عيون لكي يفحص عينيها الجميلتين التين جذبتا الطبيب، وظلتا في مخيلته حتى بعد مغادرتها عيادته، لتحملانه على البحث عن منزلها أملا في الزواج بها.
تلك الفتاة – التي كان أبرز ما يميزها صمتها – كان لها أب حنون وإخوة يحبونها كثيراً، كيف لا وهي الفتاة الوحيدة في العائلة، فعندما تقدم الطبيب الذي تعدى الأربعين عاما والذي سبق له الزواج مرتين من امرأة استمرت معه وأنجبت له أولادا هم حاليا في مرحلة الشباب، والأخرى خلعته لأسباب لم يفصح عنها، رفض إخوة هند هذا العريس الذي لا يعرفون عنه الكثير لأنهم يريدون لأختهم الأفضل فهي ما زالت صغيرة والأهم خوفهم عليها من صمتها الذي قد يتسبب بسلب حقوقها.
وفي المقابل كانت والدتها من أكثر المشجعين لها على الموافقة بل إنها وقفت أمام كل من أراد عرقلة زواج ابنتها الوحيدة.
قبلت هند وحاول خاطبها الطبيب جاهدا أن يتم هذا الزفاف بأسرع وقت ممكن، حيث ظلت هند حائرة أمام إرضاء رغبة والدتها بالزواج وأمام إرضاء إخوتها الرافضين لهذا الزواج، ولكنها ظلت صامته.
حتى بدأ الزفاف وفي يوم (الدُخلة) نطقت هند عند الكوافيرة التي تولت مهمة تجهيزها قائلة وعيناها تملأهما الدموع: "انا خائفةّّّ لا أعرف ولكني أحس باختناق، ليتني لم أوافق على هذا الزواج، ونزلت دموعها بهدوء عاصف على خدها الذي حاولت الكوافيره مسحه من وجنتيها وأجابتها قائلة: لماذا تقولين هذا الكلام إن شاء الله أنها تكون زواجه موفقة، لا تخافي وتوكلي على الله وإن شاء الله سوف يكون كل شيء على ما يرام.
زُفت هند إلى بيت زوجها وتُركت من قبل أهلها مع من يظنون انه سيُكن لها الأهل والخلان.
وفي صباح اليوم الثالث اتصلت هند بأمها لكي تطلب منها مرافقتها هي وزوجها إلى طبيبة النساء والولادة لأنها تعاني من نزيف شديد فما كان من الأم إلا أن رافقت ابنتها إلى الطبيب، ولكن هند فوجئت عند وصولها العيادة برفض زوجها النزول معها والدخول سويا، حيث تلقت رفضه بصمت وبعد الفحص شددت الطبيبة عليها ألا تسمح لزوجها بمضاجعتها لمدة لا تقل عن العشرة أيام.
عادت هند لزوجها وأخبرته لما قالته الطبيبة وبعد أن طمأن زوجها الطبيب والدة هند عليها وأوصلها إلى البيت، اخذ زوجته وذهب حسب ما قال إلى إحدى المدن التي تطل على البحر ليقضي شهر العسل ولكن....
يرن هاتف والد هند في اليوم الخامس من زوجها ليصعق بخبر وفاة ابنته الوحيدة في حادث سير كما أبلغه زوجها فيهرع مسرعا هو إخوتها إلى المستشفى ليجدوها وهي تلبس بجامتها البيضاء ملفوفة ببطانية حمراء يملأ جسدها الذي كان يضاهي ضوء القمر في صفائه كدمات سوداء مع وجود خط أحمر داكن اللون وسط عينها اليسرى، في ثلاجة المشفى، لم يكن حادث سير الذي قتل ابنته الصامتة لأن ملامح جثتها تحكي جريمة بشعة كانت سبب قتلها كما أن زوجها لم يكن مصاباً باي جروح ولم يكونا مسافرين بل كانا يقيمان في فندق يقع في تلك المدينة.
لقد صُعق كل من كان يعرف هند بحادثة قتلها لأنها لم تكن تستحق ذلك حسب ما اجمعوا عليه، فهي لم تؤذِ أحدا بل كانت تلزم الصمت بكل أحوالها.. الصمت الذي طالما التزم به كل من أراد العيش.
بدأت التحقيقات لبحث أسباب وفاة هند وفوجئ الجميع بهرب من كان زوجاً لها وتواريه عن الأنظار واثبت تقرير الطبيب الشرعي أن هند تعرضت للعنف الجسدي الشديد بأدوات راضه أودت إلى مفارقتها الحياة.
الفتاة الصامتة هند قضية جعلت المحققين وكذا الأطباء الشرعيين يقفون بحيرة أمام الطريقة التي قُتلت بها، فالعنف الذي تعرضت له لن يقدر أحد مهما كانت مهما كانت قوته وصبره أن يتحمله، لماذا صمتت؟ وما أسباب صمتها على الرغم من أنها لا تملك أي نقاط ضعف يمكن أن يضغط عليها من خلالها.
بعد أربع أشهر من قتلها ما زال ملفها مفتوح ويكسوه الغموض حتى هذه اللحظة، فالقاتل ما زال طليقاً يستمتع بحياته أما الفتاة فقد رحلت تاركة ورائها صمتا رهيباً عاشته وماتت به.