غزة.. لا نملك لك من أمرنا شيء
ترددت كثيرا وأنا اكتب عن غزة، فكم كتبنا عنها في الماضي، وسنكتب عنها في المستقبل، ولكن ما فائدة ما نكتبه؟؟ ولماذا نكتبه؟؟ ولمن نكتبه؟؟ انها ثلاثة اسئلة دارت في مخيلتي قبل البدء في هذا المقال، وكلها جديرة بأن يسألها كل كاتب نفسه.
نعم ما فائدة ما نكتب؟؟ وحبرنا لا يساوي قطرات الدماء الزكية التي تتساقط من اجساد الشهداء الغزاويين.. ولماذا نكتب؟؟ والحروف التي نسطرها لا تغني اخوتنا ولا ترد أو تصد عنهم ما يتعرضون له من الصهاينة الاوغاد.. ولمن نكتب؟؟ والقائمين على الامة العربية عاجزون، حتى عن قراءة كل ما يكتب عن غزة، فما بالنا بالتجاوب مع ما يكتب.
ولكن ما دعاني للكتابة رغم كل ذلك، انني استحي من الله عز وجل حين اقف بين يديه، يوم لا ينفع مال ولا بنون، ويسألني ما فعلت لإخوانك في غزة وهم يقتلون على أيادي اليهود الغاصبين للمسجد الأقصى؟؟ نعم لا املك يومها من قول: يارب اني عاجز عن نصرة إخوتي، ولا املك لهم إلا كلماتي التي تعتصر وهي تخرج من داخلي، لعل ذلك يشفع لي يومها.
ربنا ان حالي هو حال كل مسلم، لا يملك لإخوانه إلا الدعاء لهم بأن تنصرهم، وتخفف عنهم ما هم فيه، بعدما خذلهم حكامنا وأداروا لهم ظهرهم، ولم يحولوا بينهم وبين ما هم فيه، مع انهم يقدرون على فعل اشياء كثيرة، فالمال الذي يغطي العالم هو مال المسلمين، وللأسف يحرم منه اخوتنا في غزة، ويستقوي به اليهود على قتلهم.
اللهم اننا اذلاء بسبب اننا تركنا عدونا الحقيقي، وذهبنا الى القتال فيما بيننا في كل بلد عربي .. فاليمن والعراق وسوريا وليبيا وتونس ولبنان، حالها لا يخفى عليك، فكل يقتل اخاه المسلم باسم الثورات والاحزاب والطائفة والمذاهب، ويمعنون في ازهاق الارواح، في منظر يجعل ما تفعله اسرائيل باخوتنا في غزة متكررا في تلك البلدان، ولكن المخزي انها تحدث بين المسلمين وتحت كذبة كلنا مع الاسلام.
يا الله اننا نبرأ اليك من تخاذل من ملكتهم ولاية امورنا، نبرأ اليك من المال المسلم الموجه الى قتل المسلمين بيد المسلمين، نبرأ اليك في مال المسلمين الذي يدعم الشركات الداعمة للصهاينة.. يارب اننا نبرأ اليك في قطع المنافذ الحدودية على اخوتنا في غزة، بحيث لا يستطيعيون حتى علاج جرحاهم.
يارب اجعل كل شهيد فلسطيني لا يحمل علينا يوم القيامة أي قصاص، فنحن مقرون بعجزنا، وعدم قدرتنا على دفع ما يحصل لهم.. يارب تعلم اننا لا نملك إلا الدعاء، فهو سلاحنا الوحيد، فافتح له ابواب سمائك، وعجل له اجابتك عاجلا غير اجل.
يارب نعلم انهم مظلومون ومضطهدون ومحتاجون للعون، ونقر اننا مهما بذلنا فلن نفيهم حقهم وهم في ارض الرباط يواجهون احفاد القردة والخنازير بدلا عنا.. ونقر بأنهم الاعزاء ونحن الاذلاء وهم الاقوياء ونحن الضعفاء وهم الشهداء ونحن التعساء.
تواصلت بأحد الاعزاء في غزة هاتفيا مساء الجمعة، وقال لي انهم محتاجون الى الدعم، فقلت له بأن اليمنيون وان قصروا في تقديم ارواحهم فهم يقتطعون من قوتهم الضروري لدعمكم، فرد بأنه يسمع مثلنا عن اغاثات من جمعيات ولكن على ارض غزة لا يجدون منها شيئا.. وهنا المصيبة الكبيرة، فهل اهل غزة وقضيتهم اصبحت تجارة في ايدي البعض، نعوذ بالله من هذا الفعل القبيح.. ونحن لا نتهم احدا وحسبنا انما نتبرع به يعلمه الله، ولكنه عدم ذهابه لمستحقيه يجعل العدو عدوين على الغزاويين.
اللهم ان عدون الاسرائيلي استخف بنا وأصبح لا يحلو له قتل اخوتنا الا في شهر رمضان، فهو يفطر على دمائهم فيما اثرياء المسلمين يشترون الاغذية لحيوانات الغرب رأفة بهم، ويفطرون كل يوم في بلد غربي.. اللهم فانصر دينك وعبادك في شهر رمضان، كما نصرتهم في هذا الشهر الفضيل على مر التاريخ الاسلامي.. اللهم انك اغير عليهم منا، فكن معهم ..اللهم ارحم شهداء غزة واشف مرضاهم وصبر اهاليهم واخلف لهم بخير، اللهم لا تؤاخذنا فنحن لا نملك لهم إلا سلاح الدعاء، اما اسلحة الحكومات فهي مسلطة على شعوبها... اللهم ان هذا ما املكه لهم واتركهم لما تملكه لهم يا خير الناصرين.
.نائب عميد كلية التربية والعلوم بجامعة البيضاء