اخبار الساعة

أستاذ العلوم السياسية المشارك بجامعة صنعاء د/ أحمد عبد الواحد الزنداني في حوار لـ واشنطن تتبنى الإرهاب بشكل عام والقاعدة بشكل خاص كبوابة كبرى للتدخل بشكل سافر في شؤون الدول العربية والمسلمة وأمريكا تستخدم أقارب صالح فزاعة لتنفيذ أجندتها في اليمن

اخبار الساعة - سامي الصوفي بتاريخ: 14-03-2012 | 13 سنوات مضت القراءات : (25649) قراءة

يرى الدكتور/ أحمد عبد الواحد الزنداني - الأستاذ المشارك بقسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء - أن الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم بقايا عائلة صالح كروتاً لتضمن تنفيذ سياساتها وأجندتها في اليمن، ما لم فستستمر في استخدامهم كفزاعة تطلقها في وجه القوى الوطنية.. وأنها متى ضمنت أن أجندتها ستمضي في اليمن بيسر مع الرئاسة الجديدة، فإنها ستعمل على حرق تلك الكروت. 
وقال الزنداني إن "القاعدة" ضُخمت في اليمن بشكل لا يصدق, وأن الولايات المتحدة تستخدم الإرهاب بشكل عام والقاعدة بشكل خاص كبوابة كبرى للتدخل بشكل سافر في شؤون الدول العربية والمسلمة، موضحاً أن الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى تحقيق مصالحها ولا تقيم وزناً لسيادة الدول ذات الوضعية الهشة مثل بلادنا اليوم، مشيراً إلى أن سيادة اليمن مخترقة حتى النخاع، وأنها الحقيقة المرة. 
وأردف أستاذ العلوم السياسية:"فشلنا في تحقيق ثورة كاملة, فمنذ أن دخل السفير الأمريكي في مارس الماضي على خط الثورة اليمنية - تنفيذاً لسياسات بلده واستكمالاً لسياساتها السابقة التي دعمت أسرة صالح وأسست لهم قوة تفوق قوة الجيش من حيث العتاد والتدريب - ونحن نعاني الأمرين, منوهاً بأن لذلك تداعيات سلبية خطيرة على اليمن لأن قوانين العلاقات الدولية تقول: بلاد تنتهك سيادته وتنتهك حقوق وكرامة مواطنيه هو بلد بلا سيادة. 
وأفاد الزنداني أن سياسات الدول الكبرى تجاه الدول الصغرى في العالم تنفذ من خلال تأسيس ودعم طبقات حاكمة في هذه الدول لتبقيها تحت السيطرة وتضمن تبعيتها, وعند تعرض تلك الطبقة للخطر من جراء الانتفاضات والثورات الشعبية تعمل تلك الدول الكبرى ما استطاعت لحمايتها.مثلما يحدث الآن مع أمريكا في اليمن.. إلى التفاصيل في هذا الحوار: 

  
 
- حقيقة الأمر أن اليمن تمر بمرحلة حرجة للغاية, فلقد سلم صالح اليمن للرئيس هادي وهي سقيمة لا تقوى على الحراك, والأسوأ من ذلك أن صالح لم يسلمها لأيد طليقه، حرة تعالج سقمها بأجندة وطنية خالصة, لكنه سلمها من خلال قرار دولي, ومن له فهم ولو بسيط بعلم العلاقات الدولية يدرك أن مشاكل البلاد اليوم يتم معالجتها من خلال أجندات دول أخرى لا تخدم المصلحة الوطنية اليمنية وهذا سيضيف عبئاً إضافياً على عاتق أي قيادة وطنية مخلصة, لأن مهمتها إذا أرادت إنقاذ اليمن والوصول بها إلى بر الأمان أن تفرض أجندتها الوطنية والتي يجب أن تبدأ من تحرير اليمن من السير وراء الأجندات الأجنبية, ولن يتم ذلك إلا باصطفاف وطني حقيقي لكل القوى الوطنية المخلصة التي تؤمن بثوابت البلاد.  




 
  
- الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى تحقيق مصالحها ولا تقيم وزناً لسيادة الدول ذات الوضعية الهشة مثل بلادنا اليوم, فسيادة اليمن مخترقة حتى النخاع، وهذه حقيقة مرة، فشلنا في تحقيق ثورة كاملة, فمنذ أن دخل السفير الأمريكي في مارس الماضي على خط الثورة اليمنية - تنفيذاً لسياسات بلاده واستكمالاً لسياساتها السابقة التي دعمت أسرة صالح وأسست لهم قوة تفوق قوة الجيش من حيث العتاد والتدريب - ونحن نعاني الأمرين, ولا شك أن لذلك تداعيات سلبية خطيرة على اليمن, فقوانين العلاقات الدولية تقول: بلاد تنتهك سيادته، تنتهك حقوق وكرامة مواطنيه. 

 
- نظريات العلاقات الدولية وواقعها يؤكد لنا أن سياسات الدول الكبرى تجاه الدول الصغرى في العالم تنفذ من خلال تأسيس ودعم طبقات حاكمة في هذه دول لتبقيها تحت السيطرة وتضمن تبعيتها, وعند تعرض تلك الطبقة للخطر من جراء الانتفاضات والثورات الشعبية تعمل الدول الكبرى ما استطاعت لحمايتها فتارة تنجح وتارة تفشل، وبالنسبة لليمن اعتقد أن أمريكا تدرك تماماً أنها نجحت في إعاقة الثورة، ولو جزئياً في اليمن، وما تبقى من أقارب صالح تستخدمهم ككروت تضمن بها تسليم وولاء من يتهيأ لحكم اليمن الجديد, ولذا ستحرق أمريكا هذه الكروت بمجرد أن تضمن أن أجندتها ماضية في اليمن, ما لم فستستمر في استخدامهم كفزاعة تطلقها في وجه القوى التي تحاول الحديث عن أجندة وطنية بعيداً عن الأجندات الأجنبية. 

 
- اسمح لي أولاً أن أصحح معلومة شائعة لكنها خاطئة, لا يوجد هناك مساعدات, ففي عالم العلاقات الدولية, لا يوجد شيء مجاناً, كما أنه لا يوجد هناك مجتمع دولي, هذا مصطلح مضلل, فهناك مجموعة الدول التي تدور في فلك نظام دولي يخدم مصالح الدول الكبرى في نهاية المطاف, أما موضوع التدخل الذي فرضته الظروف فهذا حق فلا يوجد عاقل يريد لسيادة بلاده أن تنتهك, ولكن العبرة في كيفية التعامل مع هذه الظروف, وأملي كبير في الرئيس هادي ورئيس الوزراء باسندوه, وبالنسبة لموضوع هيكلة الجيش، فاعتقد أننا متفقون من حيث المبدأ على أن السماح لدولة حتى ولو كانت صديقة بالتدخل في مسألة سيادية كموضوع ترتيب وضع الجيش أمر مرفوض, فما بالك بدولة تعتبر الداعم الأول للعدو الأول لليمن، أي إسرائيل، أعتقد أن هذا الأمر يبعث على الشفقة. 




 
- دعني أجيب عليك كأكاديمي, فأنا هنا لا أقدم إجابات سياسية أرجو منها مصالح شخصية أو خادمة لحزب ما, ولكن أريد أن أضع استفسارات منطقية وحقائق سياسية بين يدي الشعب اليمني, وفي الحقيقة أي شعب يريد أن يكون له جيش يحميه لا يقتله, وما حدث في الثورة أن قادة الوحدات العسكرية والأمنية في اليمن انقسموا إلى قسمين, قسم أمر بتوجيه السلاح إلى صدور أبناء الشعب, وقسم أمر بحماية الشعب، والهيكلة المزعومة في أفضل الظروف, أقولها بصراحة في أفضل الظروف, ستعمل على التخلص من جميع القادة, من أمر بقتل الشعب ومن أمر بحماية الشعب ثم ينصبون مكانهم قادة لن نكتشف وطنيتهم إلا في الثورة القادمة، هذا فضلاً عن أنهم سيكونوا ممتنين لمن أتى بهم إلى هذه المناصب الكبيرة والحساسة، مستحضرين في أذهانهم أن من أتى بهم يستطيع أن يزيحهم, وهذه هي مشكلة وجود أجندات غير وطنية لمعالجة المشكلة اليمنية, فمثلاً تصريحات السفير الأمريكي قبل أسبوع تقريباً التي قال فيها إن أبناء صالح باقون لعدة سنوات كان الهدف منها استفزاز الشباب الثوار لرفع شعار هيكلة الجيش كمطلب أساسي تستطيع أمريكا من خلاله التخلص من القيادات الوطنية ولا يهمهم مصير القيادات غير الوطنية, فهذا هو ديدن الأمريكان مع خدامهم الذين تلفظهم شعوبهم, ويخرج الشباب الثائر الرائع ببراءة لينفذ ما يدبر في كواليس السياسة الأمريكية, وبهذا ومن غير وعي نجد أننا كثوار استبدلنا شعار إسقاط أسرة صالح إلى إسقاط حماة الشعب, لكني على ثقة أن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله وأن هذا الشباب الثائر الطاهر سيحقق أهدافه النبيلة طال الزمان أم قصر, فبعد أن خذل اليمن الجميع لم ينصرها إلا هذا الشباب المبارك. 




 
- أخي العزيز أنت تتحدث إلى متخصص في السياسة الدولية, الجميع يعلم أن القاعدة ضُخمت في اليمن بشكل لا يصدق, وما أعرفه من التقارير والأبحاث الأكاديمية أن الولايات المتحدة تستخدم الإرهاب بشكل عام والقاعدة بشكل خاص كبوابة كبرى للتدخل بشكل سافر في شؤون الدول العربية وغيرها من الدول المسلمة, ولذا ستجد الحكومة ممارسات من الجماعات المسلحة تدفعها دفعاً إلى تنفيذ المطالب الأمريكية, بالطبع ليس لمصلحة الأجندة الوطنية ولكن لمصلحة الأجندة الأمريكية, فانتم يا معشر الصحافة تسمونها حرب أمريكا في اليمن، إذن هي ليست حربنا ولكنها حرب أمريكا ولقد قالها بوش الابن منذ سنين سندير معاركنا في أراضيهم, وهذا سيكون له وبكل تأكيد أثر بالغ السوء على امن واستقرار اليمن، فالعراق يحارب القاعدة منذ سنين والصومال تحارب القاعدة منذ سنين وحكومة كرزاي في أفغانستان كذلك وباكستان أيضا ولذا سندخل في دوامة من العنف لا فكاك منها ما لم نبتكر طريقة عملية للسيطرة على الجماعات المسلحة وأعتقد أن الطريق السليم والآمن يبدأ بوضع أجندة وطنية خالصة لإدارة المعركة مع القاعدة دون أي تدخل أجنبي...  

 
- ببساطة شديدة لأن هذا مطلب أصحاب الأجندات غير الوطنية, أي أمريكا, التي ترفض مسألة الحوار مع القاعدة جملة وتفصيلاً، بينما توصي بالحوار مع الحوثي مثلاً وهو يرفع السلاح في وجه الدولة والمواطنين معا, أليس هذا أمر غريب وازدواجية في المعايير؟!!! والآن يعملون على تأمين عودة عدد من قادة الانفصال الذين تسببوا بقتل آلاف اليمنيين بذريعة الحوار الوطني, هذا عبث، لذا أقول إنه علينا أن نصّر على وضع أجندة وطنية لإدارة مشكلاتنا وسيكون النجاح حليفنا بإذن الله, وعندها إذا تبّين لنا رفض القاعدة للحوار، فعلينا أن نتحمل مسؤوليتنا ونضع الخطة المناسبة لاستئصالها, ولكن الضامن الوحيد في رأيي هو أن لا يفتح الباب لأي كان في التدخل في هذا الشأن. 

 
- أعتقد بأن اليمنيين قادرون على حل مشاكلهم بأنفسهم كما حدث في رداع مثلا, والحقيقة التي استوقفتني, وأنا أتابع مقابلة مع طارق الذهب بثتها العربية في برنامج صناعة الموت الذي بُث بالتزامن مع أحداث رداع, هي أنه وبالرغم من أن طارق الذهب لم يفيد في حديثه إلى أي صلة له بالقاعدة, إلا أن البرنامج ألبسه ثوب القاعدة رغماً عن أنفه وأنوف المشاهدين, هذا بالرغم من أن أحد المحللين السياسيين اليمنيين الذي استضافه البرنامج أكد أن لا علاقة لطارق الذهب بالقاعدة، لذا لا زلت أعتقد أن أمر القاعدة يضخم بشكل خيالي في اليمن لخدمة مصالح لا تمت للمصالح الوطنية اليمنية بصلة. 
  



 
- الحقيقة أن وضعنا هش, ولكن إذا أردنا أن نتعافى ونخرج من هذا الحال، فعلينا أن ندرك أنه مهما ساء الحال، فإن لصانع القرار السياسي اليمني مساحة يمكن أن يتحرك فيها ويناور ليحقق مكاسب يشتد معها عود اليمن وتصبح أحسن حالاً, ففي الوضع الداخلي علينا فقط أن نبحث عن القيادات الوطنية المخلصة التي تحرك الجماهير وستلم شمل اليمن كما فعلنا في مرات عديدة سابقة والحقيقة أيضاً أن ما عكسته الانتخابات الرئاسية الأخيرة يدل على أن الشعب اليمني موحد الرأي وأنه سيحبط أي محالة لأي قوى محلية تسعى لإشعال فتيل الفتن والاقتتال الداخلي... أما بالنسبة للتخوف من الدول الكبرى فما عرفناه من عالم السياسة أن هذه الدول تمارس الابتزاز السياسي مع أي قيادات جديدة في الدول النامية من خلال الإرهاب الإعلامي المستمر لها ولشعوبها بأن الكوارث ستحل بهم إذا لم يتبعوا خططها وقراراتها... ولكن الحقيقة أن الدول الكبرى اليوم عاجزة عن أن تهددنا بالقوة العسكرية، فهي مضطربة اقتصادياً وأزماتها المالية متلاحقة وكما أن لها ظروفها الداخلية التي تعيقها عن اتخاذ قرارات عدوانية لاعتبارات داخلية ولفشلها الذريع في العراق وأفغانستان مثلاً, كما ان عالم السياسة الدولية لا يخلوا من وجود قوى أخرى يمكن استخدامها للحد من التسلط الغربي وهاهي روسيا بوتن اليوم تعود للساحة الدولية ويمكن استخدامها, كما أن الصين قلقة على مصير باب المندب ولا تريد للغرب أن يتحكم به وهكذا... وهناك الكثير من الأوراق التي يمكن أن يستخدمها صانع القرار ليشد من أزره في ممارسته لسياسة وطنية خالصة غير خاضعة لأحد, فعبد الناصر مثلا ...بالرغم من أنني لا اتفق مع فكره السياسي...تمكن من هزيمة بريطانيا وفرنسا وإسرائيل مجتمعة عندما أمم قناة السويس في 1956, أنظر إلى إيران، كوريا الشمالية, فنزويلا, ماليزيا, لا تذهب بعيداً قارن بين عباس وحماس... المهم يا عزيزي إذا ما وجدت الإرادة السياسية وسمحت لقوى الشعب الحقيقية بالتحرك فسنتمكن من فرض أجندتنا الوطنية شاء من شاء وأبى من أبى وقبل كل هذا فالله سبحانه وتعالي موجود... إذا ما سرنا على منهجه وأخلصنا له... فإنه معنا يسمع ويرى.  

 
- هذا السؤال أكبر من حجمي بكثير فهو يوجه للإعلام والقادة,,, ولكن اختتم مقابلتي هذه معك بالقول بأن ما تعلمناه من تخصصنا في العلوم السياسية هو أن الطريق الوحيد للحرية هو أن لا يكون هناك وصاية على البلاد ولا وصاية على الشعب من هذه الفئة أو تلك... ولا يمكن معرفة إرادة الشعوب إلا من خلال الاستفتاءات والانتخابات الحرة والنزيهة, فإذا ضمنا انتخابات حرة ونزيهة, عندها فقط نكون قد بدأنا بقطف أول ثمار الثورة، أما أن نسلم أنفسنا إلى الدول الكبرى بهذا الشكل ونتنازل هذا التنازل المخل لبعض القوى المحلية التي لا تقر ثوابت البلاد، فإن معاناتنا ستطول إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.

المصدر : أخبار اليوم
اقرأ ايضا: