أخبار الساعة » السياسية » عربية ودولية

المحكمة الدولية ترفع معدلات الحرارة في لبنان

- د. صالح بكر الطيار
 يشهد لبنان جدلاً سياسياً كبيراً بين قوى 8 و 14 اذار على خلفية المحكمة الدولية المولجة بكشف قتلة الرئيس رفيق الحريري حيث يتهمها البعض بأنها " صنيعة اسرائيلية " لا تتمتع بأي مصداقية ، فيما يدافع عنها البعض الأخر معتبراً ان العدالة هي التي ستوفر الإستقرار وستضع حداً لأي عملية اغتيال في المستقبل .
ومع هذا الطرف وذاك عاد التشنج الى الشارع وأنكب المسؤولون السياسيون على تبادل الأتهامات اسوة بما يحصل في لبنان دائماً .
وفي التفاصيل فقد تسربت الى مسامع حزب الله من مصادر متعددة ان مدعي عام المحكمة الدولية القاضي دانيال بيلمار يتحضر لإصدار قرار ظني الخريف المقبل بأسماء عناصر ينتمون الى حزب الله قد تكون لهم علاقة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري التي حصلت في 14/2/2005 الأمر الذي استدعى خروج امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله على وسائل الإعلام عدة مرات  بمناسبة احتفالات شعبية او مؤتمرات صحفية للتحذير من مغبة ان يكون القرار يستبطن احداث فتنة مذهبية في لبنان او تحضير الأرضية لعدوان اسرائيلي جديد .
ويرى السيد نصرالله ان أي اتهام الى حزب الله هو اتهام سياسي يراد من ورائه لهذا الحزب ان يدفع ثمن الإنتصارات التي حققها في حروبه مع اسرائيل ، وأن هناك قوى داخلية وخارجية تعمل على فبركة مستندات ووقائع وأحداث وأتصالات لا علاقة لها بالحقيقة على الأطلاق .
وأعتبر السيد نصرالله ان المحكمة تقوم على دعامتين وهميتين اولهما شهود الزور الذين لفقوا اخبار ومعلومات تبين انها كاذبة ولهذا بات من الملح محاسبتهم ومحاكمتهم وملاحقة الجهات التي كانت تقف وراءهم ، وثانيهما الإتصالات الخليوية حيث تبين مؤخراً ان عملاء لصالح الموساد قد زودوا اسرائيل من خلال عملهم في احدى شركات الخليوي في لبنان بكل ما يسمح لها التلاعب بالإتصالات وارقام الهواتف وتحوير " الداتا ".
وبرأي السيد نصرالله ان الأتهام كان موجهاً لمدة اربع سنوات ضد سورية ، ولكن بسبب التحولات التي حصلت في المنطقة ، ونتيجة الحاجة الى علاقة طبيعية مع دمشق بدأ الأتهام يتجه ضد حزب الله من ضمن سيناريو يقضي بإحداث فتنة مذهبية بين السنة والشيعة على ان تستكملها اسرائيل بشن حرب للقضاء على حزب الله والإطاحة بمقاومته .
ولقد ردت قوى 14 اذار بالقول ان ما يتم التحدث عنه هو مجرد تهيئات وسيناريوهات غير واقعية وان المحكمة غير مسيسة ، وتتمتع بما يكفي من المصداقية ، كما انها تمارس عملها بمهنية عالية ، وأن لا وجود لأي فتنة مذهبية او طائفية او غيرها في لبنان .ه
ذه السجالات زادت من حدة الأصطفاف في الشارع ورفعت منسوب الخوف في لبنان ودفعت بالمواطنين الى ترديد ما يقال متزويدين بما يكفي من تحليلات وتصورات تكفلت وسائل الإعلام بنقلها اليهم الأمر الذي حدا برئيس الجمهورية ميشال سليمان الى عقد لقاءات جانبية مع ابرز القيادات اللبنانية للجم حالة الإنفعال الحاصلة ،وللطلب من هذه القيادات بأن تقوم بدورها المطلوب منها في التهدئة وطمأنة النفوس .
وبما ان اللبناني يجيد افتعال الأزمة ولكن دائماً غير قادر على صناعة الحل فقد تبادر الممكلة العربية السعودية خلال زيارة عاهلها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز الى لبنان وبالتنسيق مع سورية وقوى أخرى الى اعادة تبريد الأجواء بما يضمن لكل طرف حصوله على التطمينات التي تريحه حيث ان قوى 14 اذار وعلى رأسها تيار المستقبل الذي يقوده رئيس الحكومة سعد الحريري تراهن على استمرارية عمل المحكمة لكشف ليس فقط قتلة الرئيس رفيق الحريري بل الشخصيات الأخرى التي سقطت ايضاً على مدار اربع سنوات فيما حزب الله يرفض بشكل قاطع ان يكون كبش محرقة لأي مشروع يريد ان يلطخ سمعته من خلال تهم واهية هو ابعد من ان يقوم بها ، ويلح على سحب اسمه من بورصة الأتهامات .
المهم ان الحرارة السياسية مرتفعة جداً في لبنان اليوم بالتزامن مع حرارة الصيف وقد تكون اشد ارتفاعاً في الخريف - حيث من المتوقع صدور القرار الظني - اذا لم يتم تدارك الأمر بشكل جدي وواعي ومسؤول من اللبنانيين انفسهم ومن القوى الحريصة على لبنان .

رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي 

Total time: 0.0509