اخبار الساعة - عبدالقوي العديني
هذا الأسبوع حدثني أستاذ جامعي متخصص في التجارة العالمية ؛ أن القوى التقليدية والمضادة للتغيير يقفون معا وراء استهداف القطاع الخاص والأعمال , وأن الهجمات التخريبية على المجتمع المدني زادت منذ ستة أشهر لأن تلك القوى أدركت أن العالم يريد لليمن أن تكون دولة اقتصادية وموقعا مؤثرا للتجارة في المنطقة ؛ مستدلا بقبول اليمن كعضو في منظمة التجارة العالمية .
ويعتقد صديقي الأكاديمي في جامعة صنعاء أن القوى القبلية والعسكرية التي كانت مستفيدة من الوضع السابق تدرك أن الاهتمام العالمي باليمن في هذه الفترة وتوجه التجارة العالمية وقبولها بعضوية اليمن يعني أن المستقبل سيكون للقطاع الخاص لإدارة شؤون الدولة وترشيد حكمها وتنظيمه.
ولكي تكون اليمن قادرة على الانخراط مع العالم اقتصاديا وأمنيا كموقع مهم ومؤثر؛لا بد من تصفية الملعب السياسي وهو ما جعل طرفا ما يتخبط ويقلب الخصومات ويفتح أجندات الفوضى على نطاق أوسع .
لكن المضحك المبكي ونحن نتحدث بلغة التغيير والأمل والتفاؤل الجديد والتجارة العالمية التي سيكون لها شروطها ووقعها الخاص على اليمن , نسمع أخبار الفساد وهو يتضاعف , أو المليارات التي تبلغ تقريبا 13 مليار ريال تصرف لكبار الفاسدين نتيجة إيداع أموال المؤسسات الحكومية في البنك المركزي كأذون خزانة.
وكما نتابع أخبار قرارات التعيينات الحكومية المجانبة للكفاءات وللتدرج الوظيفي وللخبرة والكفاءة , تتردد صواعق الأخبار التي تجعلنا نحتار في فهمها ضحكا أو بكاء ؛ مثل أن توكل كرمان وهي من رموز التغيير ؛ سعت لتعيين نائب رئيس مجلس إدارة في إحدى المؤسسات المالية في البلاد لأنه زوج صديقتها ؛ وهو الذي فصل من موقع سابق بسبب توقيع عقد لجهة إعلامية فضائية جديدة بمبلغ 75 مليون ريال , وعند هذه النقطة يلتقي رموز التغيير مع الفلول لضرب مشروع بناء الدولة .
ومع أنني كغيري من الناس متفائل بمستقبل نزيه , أذكر هذه الخيبات شأني شأن أي يمني تأخذه الدهشة ويشعر بغصة ووجع كبير من تناغم المتناقضات وتتابع الأحداث التي لم يكن يتصورها عقل أو خيال خصب طائر في زرقة السماء .
وكيف لا نتفاءل والأمل أكبر الكنوز التي تصنع المستحيل ؛ كون الواقع الذي حولنا وما فيه من صور وأشياء , تكون أولا في الذاكرة وفي عقلنا الباطن , وبدون هذا الوعي ستختفي من حولنا كل ألوان الحياة ويتلاشى الفعل ويختفي .
سنبقى نحارب إذا ؛ خطورة الوضع القائم بسياسات مشرقة بالآمال والطموحات , التي ربما تصنعها الصدف أو نتيجة تحول السياسات الدولية من حولنا , أو عندما يلتقي الأمل والفعل على مسار واحد .
إذا كيف ندعم القطاع الخاص ؟ وكيف نحمي البنك المركزي ووزارة المالية وقرارات الرئيس من العبث ليكون التغيير أسرع باتجاه موقع فاعل وعملي وصناعي بين دول التجارة في العالم .
الأمر يبدو جد خطير , وبكل تأكيد سوف يدمروا هذا البلد إن استمر القمار واللعب قائما على أوراق الأمن والمشاريع والأعمال وسمعة اليمن , وهو ما يجعلنا نخشى من أن نتسرع بتهنئة الأخ وزير الصناعة الدكتور سعد الدين بن طالب على المنجز الكبير الذي حققه لليمن وتمكن مع مساعديه من وضع اليمن على أعتاب التجارة العالمية , وهو القرار الذي يمنح اليمن أملا جديدا وحلما آخر أهم من هتافات التغيير وأوراق السياسة التي تزيد الواقع مخاطر مخيفة ونوايا سيئة تجاه المستقبل .