كان بالفعل هو عام الصعود لتنظيم ‘القاعدة’ في اليمن (بدأ ظهوره عام 2001)، فالتنظيم لم يعش مُطارداً في الجبال، والكهوف البعيدة، كما كان يحدث في أعوام سابقة، بل توغل في عملياته حتى وصل إلى قلب الدولة اليمنية، بهجوم دام على وزارة الدفاع في 5 كانون الأول/ ديسمبر الجاري.
تنظيم القاعدة ظهر، خلال العام 2013، بشكل أكثر جرأة، فبعد شهرين من اقتحام عناصر تابعة له مقر القيادة العسكرية الثانية (30 أيلول/ سبتمبر الماضي)، في محافظة حضرموت (جنوب)، وسيطرتهم عليه لمدة ثلاثة أيام بعد قتل 12 جندياً، كان التنظيم ينفذ أعنف هجوم، تتلقاه السلطات اليمنية منذ 18 شهراً، بتفجير استهدف مستشفى مجمع وزارة الدفاع اليمني، خلف وراءه 60 قتيلاً، وأكثر من 200 جريح.
الجديد في عملية التنظيم الأخيرة، والتي أزهقت أرواح عدد من الأطباء والممرضين، والممرضات في مستشفى العُرضي، هو الاعتذار الرسمي، من قبل ‘القاعدة’ لوقوع ضحايا مدنيين في الحادث، وهو ما قابلته الحكومة اليمنية برفض ‘الاعتذار’ على لسان العميد محمد القاعدي، المتحدث الرسمي بوزارة الداخلية اليمنية الذي أكد: ‘أن اعتذار القاعدة غير مقبول’، واصفًا جريمتهم بـ ‘السادية والبشعة’.
الباحث والمحلل السياسي اليمني، ورئيس مركز سبأ للدراسات الاستراتيجية ‘أحمد سيف المصعبي’، يرى أن عمليات تنظيم القاعدة في اليمن خلال العام 2013، كانت مختلفة في نطاقها وأهدافها وطريقة تنفيذها، عن الأعوام المنصرمة.
‘المصعبي’، قال ، ‘التخبط الذي ظهر فيه التنظيم، عقب عملية مستشفى مجمع الدفاع، عندما نفى ارتباطه بالعملية، قبل أن يتبناها بعد أيام، يكشف عن مؤشرات خطيرة، أبرزها، أن هناك أطرافاً خارجية مشاركة في العملية، بجانب تسهيلات، وتخطيط داخلي، إضافة إلى التأكيد على أن القاعدة ‘مصنوعة’، وليس كما تدّعي وتقول إنها تسير وفق منهج شرعي.
وألمح، إلى أن القاعدة في اليمن، أصبحت ‘عدة قواعد’، مع اختلاف عمليات التفجير، والتخريب، والاغتيالات، لافتاً، إلى أن كل فرع، له جناح خاص، يعمل لصالحه، ففرع القاعدة (جزيرة العرب)، يعمل لصالح طرف خارجي، فيما تخص ‘القواعد الأخرى’، أطرافاً يمنية داخلية.
وصعّد التنظيم من عملياته في اليمن خلال العام 2013، فإضافة إلى السيارات المفخخة، التي استهدفت عددا من المنشآت العسكرية، سقط عشرات من ضباط الاستخبارات، برصاص مسلحين، غالباً ما كانوا ينفذون تلك العمليات، عبر دراجات نارية.
‘انشغال الدولة اليمنية، وتشرذم النظام السياسي، حوّل ‘القاعدة’ إلى قوة ضاربة، استغلت الفراغات المتاحة، في المدن اليمنية، في التمدد والاستقطاب، والعمليات الانتحارية’، حسبما قال ‘المصعبي’.
أغلب اليمنيين يتخوفون من انفجار الأوضاع الأمنية، في عام 2014 بشكل أسوأ مما كان عليه في 2013، في ظل انقسام حاد، يشهده النظام السياسي، وفشل ‘مؤتمر الحوار الوطني’، في جمع اليمنيين تحت راية واحدة، والخروج بتوافق جامع.
وتوقع ‘المصعبي’، أن تشهد المرحلة الانتقالية الثانية، خلال 2014 ‘انحسار لعمليات القاعدة’، في مقابل ‘تصاعد أعمال التخريب السياسي’، وأكد أن ‘كثيرا من تلك الأعمال التخريبية، سوف تُعلق على شماعة القاعدة’.
وحيث يعتقد الأمريكان، أن مقر قيادة تنظيم القاعدة، للجزيرة العربية، يقع في اليمن، وبشكل كبير، في المحافظات الجنوبية (حضرموت، وشبوة، وأبين)، فإن 2013، شهد سيطرة تنظيم القاعدة في شبة جزيرة العرب، على عدد من مناطق مديرية رداع، في محافظة البيضاء (وسط البلاد)، طرد منها، بعد معارك مضنية مع الجيش اليمني، وتحرير 3 مختطفين أجانب كانوا لدى المسلحين.
التنظيم الذي تحوّل مؤخرا، لاستهداف ضباط الاستخبارات، والقوات الخاصة، ومهاجمة أهداف عسكرية كبرى، في محافظة حضرموت، والعاصمة صنعاء، إضافة إلى مهاجمة عدد من نقاط عسكرية، في محافظتي أبين، وشبوة (جنوب البلاد)، استفاد من أموال جناها من ‘فدى’، مقابل إطلاق سراح مختطفين أجانب، في تطوّير خططه، وأسلحته الهجومية.
القاعدة في 2013: من جبال اليمن إلى قلب صنعاء
اخبار الساعة - الأناضول