في تصريح خاص لـصحيفة (الجمهورية) أكد وزير الإعلام علي أحمد العمراني مضي وزارته نحو التغيير وإعادة الأمور إلى نصابها وعلى رأسها المرأة التي يجب أن تحصل على كامل حقوقها في المجالات كافة، وبذل أقصى الجهود لأخذ المرأة الإعلامية مكانها في المناصب القيادية قريباً، ومنحها الفرصة التي لم تتمكن من الحصول عليها في الفترات السابقة. الوزير العمراني لم يقف عند هذا الحد ، بل أنه حث القيادات في المؤسسات الإعلامية ترشيح النساء العاملات في مجال الإعلام إلى المناصب العليا وتمكينهن من اخذ مواقعهن القيادية، وأكد بالقول " في حالة عدم قيام الجهات المختصة في المؤسسات الإعلامية ترشيحهن فإن قيادة وزارة الإعلام ستقوم بالتنقيب عنهن ووضعهن في المكان القيادي المناسب".
طبعاً حديث الوزير العمراني جاء بمناسبة العيد العالمي للمرأة الثامن من مارس ، وقد وصف العصر الحالي عصر تدشين النساء لأخذ مكانهن الطبيعي، وتمنى أن تحظى المرأة في اليمن بما تستحقه من التكريم والمكانة، وأشاد بما وصلت إليه من الرفعة والتقدم على مستوى العالم وتقلدها لأكبر الجوائز الدولية منها نوبل للسلام .. إلى هنا إنتهى حديث الوزير العمراني ، لكن ومع تقديرنا لشخص الوزير،وهو معروف أنه صاحب قرار ،وحصيف في أقواله ،وجاد في أفعاله ،نتمنى أن لا يكون حديثه بشأن تمكين المرأة الإعلامية في المناصب القيادية العليا ، مجرد حديث مناسباتي للإستهلاك الإعلامي فقط في مناسبة كهذه ،وعليه تحويل أقواله إلى أفعال، لتمكين الإعلاميات تولي المسئولية لقيادة المؤسسات الإعلامية ،بحسب كفائتهن وقدراتهن وجدارتهم ، إضافة إلى مواصلته حركة التغيير والإصلاح في المؤسسات الإعلامية كافة، ومواجهة الإشكاليات التي يعاني منها الإعلام اليمني ، وتحديث المؤسسات الإعلامية وإعادة هيكلتها،والإرتقاء بمستوى رسالتها الإعلامية وما تقدمه للجمهور .
وعودة إلى موضوع تمكين الإعلاميات لتولي مناصب قيادية في المؤسسات الإعلامية فإنه وفقاً للتقارير والدراسات بهذا الشأن فأن واقع الإعلاميات اليمنيات سواءٌ في الصحف والمجلات والمؤسسات الإعلامية الرسمية الحكومية ( المرئية والمسموعة والمقروءة ) أو الأهلية والخاصة والحزبية, يظهر أنهن مغيّبات من قيادة هذه المؤسسات والصّحف والمجلات وصناعة القرار فيها. وبالرغم من تزايد حضور المرأة في السنوات الأخيرة في المجالات المختلفة, غير أنه حضور رغم أهميته يظلّ في معظم الأحيان غير كافٍ، خاصة وأنه يطغى عليه الطابع الرمزي ولا يرقى إلى مستوى التطلّعات, فأبرز مظاهر التمييز الذي تعاني منه الإعلاميات اليمنيات اليوم يتمثل في الأسماء الذكورية التي تدير المؤسسات الإعلامية الحزبية والأهلية بدون استثناء .كما أن سياسة وزارة الإعلام محصورة بالقيادة الذكورية والقرار الحكومي ذكوري, كما هو حال المجتمع اليمني "مجتمع ذكوري", في حين تُهمَّش المرأة مهما كانت كفاءتها وقدراتها, فالإعلاميات تقف أمامهن عوائق وتحديات صعبة تحول دون تحقيق طموحاتهن والتي في مقدِّمتها تمكينهن من صناعة القرار في وسائل الإعلام. وحسب إعلاميات فأن تمكين المرأة من قيادة المؤسسات الإعلامية الحكومية وكذا الصحف والمجلات الخاصة والأهلية والحزبية ومواقع اتخاذ القرار الإعلامي, يعدّ مطلبا ضروريا؛ كونها أكثر قُدرة في التعبير عن آراء النساء واحتياجاتهن العملية والإستراتيجية، وأنه من غير المنطقي أن يظل هذا القطاع محصورا على الذّكور رغم أن كثيرا منهن - أي الإعلاميات- يكدن أن يكن أفضل من الرجال أداءً والتزاما وكفاءة. وفي هذا السياق يؤكد إعلاميون أن حظ المرأة في الانخراط في مجال الإعلام مرتبط بإرث تاريخي وتبديل الصورة النمطية لها بأخرى إيجابية،مؤكدين أهمية تعزيز قدرات الكوادر النسائية الإعلامية لوصولها إلى مراكز صنع القرار وتشجيع المبادرات الإعلامية التي تعمل لصالحها ودعوة الجهات الرسمية إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة لانخراطها في مراكز صنع القرار، ويبيّونون أن التحديات والصعوبات كثيرة ولكن بالإرادة والتصميم على النجاح يمكن تخطيها. ويقلن إعلاميات عربيات إن الإعلامية تعمل في مؤسسات لا تحترم مهنيتها ومعظمها تتعامل معها كأشكال جميلة ولا تحترم جوانب الحرفية والمهنية القابعة خلف الشكل ولذلك لا توصلها إلى مراكز صنع القرار. وأن هناك صعوبات تواجه المرأة كونها أنثى في مجتمعات لاتزال ذكورية، إضافة إلى نظرة المجتمع السلبية. ويؤكدن أن تمكين المرأة يكون من داخل المرأة نفسها، أما في حال حملت على أكتافها أنها أنثى فهي بذلك تبرر الوصاية التي يمارسها الرجل عليها في كل مناحي الحياة، ويضفن أن الإعلامية تواجهها تحديات إدارية، ذاتية، وأخرى قيمية تتمثل في فكر المجتمع الجندري الذي تتقسم فيه الأدوار بحسب الجنس. ويؤكدن أهمية الترقي الإداري للإعلامية وسعيها إلى مراكز صنع القرار، وأن مراكز صنع القرار في الإعلام يجب أن تكون للأكفأ بغض النظر عما إذا كان رجلا أو امرأة.فهل يفعلها وزير الإعلام العمراني ، ونرى قريباً إعلاميات على رأس مؤسسات إعلامية سواء في الإذاعات أو القنوات الفضائية أو المؤسسات الصحفية ،أو المؤسسة اليمنية العامة للإذاعة والتلفزيون ، التي هي حكراً على الرجال فقط ؟.. وهل نرى قريباً مديرات عموم للإدارات العامة في هذه المؤسسات ، وكذا مديرات إدارات وأقسام ،ومستشارات ،سيما وأن أغلب التعيينات السابقة ،وإلى وقت قريب جداً في هذه المناصب التنفيذية والشرفية منها ،كانت وماتزال من نصيب الذكور ، وبصورة إرتجالية وعشوائية ودون أي مقاييس ؟ .. إن الأيام القادمة كفيلة بتبيان صدقيّة أو عدم صدقيّة وزير الإعلام ،وجديّته في تمكين المرأة الإعلامية في مراكز المسئولية ، ومواصلة التغيير المنشود في المؤسسات الإعلامية ،نحو إعلام يمني حديث ومتطوّر، ومهني ،مواكب للعصر